بسم الله الرحمن الرحيم
من موقع مفكرة الإسلام: أحيانًا الإنسان تكون بداخله حالة من العناد حتى مع نفسه، حتى إننا قد نكرر الخطأ والتعثر والوقوع فيه مرات عديدة دون الاستفادة من درس الوقوع ليعطينا حافزًا للنجاح في المرة القادمة. هذه الحالة من التمرد الداخلي تشبه حالة العصيان عندما نجد أنفسنا نخطئ إصابة الهدف، ذلك يعني أننا لم نكن جادين بالقدر الكافي للوصول إلى الله أولاً ثم الهدف.
أحيانًا تكون هناك فجوة بيننا وبين الله، قد نحاول الوصول إليه ولكننا لا نحسن اختيار السلوك أو الوسيلة أو الفلسفة التي ترشدنا لذلك.
أتذكر حينما كنت في السنة النهائية لي بالجامعة واسترد الله وديعته ورحلت أمي إلى دار الحق، ومن قبلها بشهرين رحلت أختي الكبرى التي هي بمثابة أمي الثانية، وقتها أظلمت الدنيا من حولي وكدت أقع فريسة اليأس والحزن، وکانت فترة من الوحدة والقلق والخوف من الغد «ولا أنكر أنني أصبت بصدمةٍ فما حدث كان بالنسبة لي أسوأ من المتوقع، فقد كانتا تشكلان لي الدرع الحقيقية في هذه المرحلة العمرية، ولكنني وبعد فترة قبلت الواقع. وبمعاونة بعض الأصدقاء المخلصين بدأت بالضغط على أحزاني والتقرب إلى الله والتعرف إلى شخصيات مميزة قد يكون لكسر الرهبة والخوف..أو لبث بعض الأمل والتفاؤل في نفسي..بعد فترة عناد مع نفسي ومع كل شيء أدور في فلكه، ولكن ما حدث بعد ذلك وخطوة خطوة وجدت أنني أسير في طريق النجاح, ووجدت أن الله يهديني ويعطيني خطة لاحتراف النجاح، ونظرت إلى نفسي فوجدت أن الله قد خلقني وصورني في أحسن حال، وتساءلت: لماذا لا أستغل ذلك الحب الإلهي المقدم لي؟ واكتشفت أن هناك حياة محورها الآخرين وكلمة (نحن)، وهناك حياة محورها الذات وكلمة (أنا) أي الذات.
الأولى هي المطلوبة ولكن الثانية هي التي يجب ترويضها ومعالجتها حتى تذوب هذه الأنا في الآخر، ذلك أن إدارة الذات هي من أفضل الطرق الموصلة إلى درب النجاح. ولكن يتبقى السؤال الذهبي وهو: كيف يكون الوصول إلى النجاح؟ وأهم هذه الخطوات هي الثقة بالنفس، ومن بعدها تحديد الهدف، وما بين الثقة والوصول إلى الهدف هناك خطوات نخطوها لنصل إلى الهدف المرجو. تأتي أهم خطوة في هذا المضمار، وهي كيفية تعاملك مع ذاتك، هل تحترمها؟ هل تعتمد على ذاتك؟ هل تؤمن بذاتك؟ تلك هي مكمن القوة لديك والوقود الخاص بك في رحلتك مع النجاح (الثقة بالذات). فإن كنت تتمتع بها فأنت على طريق النجاح تسير، فما من شك أن الثقة بالنفس تمنحك شعورًا بالقوة وتدفعك للانطلاق إلى هدفك بيسر وسلاسة وتساعدك على وضع يدك على نقاط ضعفك وقوتك فتستغل الأفضل وتنحِّي جانبًا السيئ منها. ولعل من أهم مثبطات الثقة بالنفس أن تترك نفسك فريسة الآخرين وآرائهم، فالأفضل ألا تستمع للنقد الهدام قدر اهتمامك بالنقد البناء، فبدلاً من أن تشغل نفسك بكيفية تلميع صورتك في عيون الآخرين عليك باستثمار هذا الجهد في تحقيق ذاتك بصورة أفضل, وتجعلهم يفشلون في تثبيط همتك فلا تنشغل بالاستماع قدر انشغالك بالعمل والفعل فالواقع الخاص بك سيكون خير إعلان عنك. وإن صادفك فشل في تحقيق ذاتك أو نقص في ثقتك بنفسك فما عليك سوى استثمار هذا الفشل ليكون وقودًا لنجاحك القادم، فحاول استبدال الفشل بالنجاح في المرات التالية ربما أدركت به نجاحًا أعظم.
ولعل (هيلين كيلر) أكبر نموذج للتحدي، فمن الفشل والنقص صنعت ما يشبه المعجزة، فالتصميم على النجاح والنظر إلى النصف المملوء من الكوب يعد من أهم الخطوات أيضًا. ولا شك أن الثقة بالنفس لابد وأن يصاحبها الهدوء النفسي والإيمان بالله الذي يكسب المرء القدرة على المتابعة والسير في غابات الحياة.
أيضًا قد تكون تجارب الآخرين نبراسًا لنا أو شمعة تضيء لنا الجانب المظلم والمجهول في مشوار احتراف النجاح، وهي الحصول على قدوة حسنة أو مثل أعلى، قد تنفع هذه الطريقة ـ وهي تقليد نجاح الآخر ـ وقد لا تجدي، ولكن برأيي المتواضع لن يجدي إلا العودة إلى الذات ومحاولة تقويمها واستخراج الجيد منها وصقله واستبعاد الرديء منها ومحاولة ترويضه أو تقويمه، إلى أن يكون تحقيق الذات ولنضع نصب أعيننا أنَّ تحقيق الذات هو السهل الممتنع فهو ليس بالشيء المستحيل ولكنه أيضًا ليس بالأمر اليسير والسهل.
وهناك علامات تضيء أمام المرء كالبرق في ليلة ظلماء تلك التي قادت من قبلك الطالب إلى التفوق والزوجة لإدارة بيتها بمهارة، وهي التي قادت صلاح الدين الأيوبي والملكة حتشبسوت الفرعونية وشجرة الدر المصرية، ومارتن لوثر وإسحاق نيوتن وأفلاطون وغيرهم. ذلك الضوء يبلور لنا خطوات النجاح مثل وضوح الهدف والتفكير الجاد المستمر فيه والتخطيط له وبدقة على أن يكون الهدف قابلاً للتحقيق وليس من النوع الخيالي أو غير الواقعي، قد تحتفظ بها في هامش تفكيرك ولا تجعلها شغلك الشاغل الذي يحجب الممكن من الأهداف، فربما استطعت تحقيقها لاحقًا فكم من أحلام وخيالات من الماضي وتخرج مع نور الغد، والبحث عن القدوة والنموذج الأمثل ولكن دون محاكاة عمياء فلا يمكن للمرء أن يكون غير نفسه، مهما قابل وقلد سيجد أن تحقيق ذاته هو الأفضل، وما الفائدة إذا خسرت نفسي لكي أكون الآخر؟، فليكن فقط لنا في القدوةِ الأسوةَ الحسنةَ.
ولا يفوتنا التفكير الجاد والمحايد المتزن البعيد عن العواطف وأنت تخطو خطواتك نحو النجاح، فلا عواطف في عالم البيزنس إن كان هدفك تجارياً مثلاً، ولتضع قاموسًا خاصًا بك وأنت تبرمج تفكيرك للوصول إلى النجاح, ضع أمامك ماذا تريد من هدفك هذا؟ ولماذا تريد تحقيق هذا الهدف؟ وما غايتك المرجوة منه؟ وما الوقت الملائم لتحقيق هذا الهدف؟ وما الكيفية التي بها أصل إلى هدفي المنشود؟ ويتبقى مكان الهدف والبيئة التي ستتقبل هذا الهدف، وعنصر مهم كيفية إيجاد وتنظيم فريق العمل الذي سيكون معي لتنفيذ وتخطيط وتوجيه وإدارة خطوات الإجابة على السؤال الذهبي.
وتذكر في النهاية أن الصبر هو مفتاحك الخفي في هذه الرحلة، فهناك كم لا بأس به من المشكلات سيقابلك في طريقك هذا، ولكن اعلم أن حل المشكلات التي تعترض طريقك إلى النجاح لا يفيد فيها المسكنات من الحلول, ولكن يجب البحث عن الحلول الممكنة التي تجتث المشكلة من جذورها، فلا مشكلة بدون حل، ولكن هناك حل سلبي وحل إيجابي. فكن صبورًا ومثابرًا وأنت تتعامل مع أزماتك في شارع النجاح، واجعل الصبر مطيتك أو سفينتك التي تصل بك إلى بر النجاح، وفي نهاية رحلتك مع النجاح لا تنسَ متعتك الشخصية ولا تنسَ حظَّكَ من الدنيا والذي يصل بك إلى حظ أفضل وأوفر ثوابًا في الآخرة، لتكن لديك القدرة على الاستمتاع بوقتك في الصالح طبعًا، فكثير من الهرولة في الحياة قد يفقدنا الأكثر من مباهج هذه الحياة.
وفى نهاية مشوارك مع خطوات الإجابة على السؤال الذهبي: كيف أحترف النجاح؟ فلتقف وتتأمل لوحة النجاح الخاصة بك، هل ألوانها تروقك وترى مجهودك فيها؟ وما درجة إجادتك في رسم خطوط هذه اللوحة؟ هل أنت راضٍ عنها؟ ضع إجابتك أمامك بجوار لوحتك وأخبرني لاحقًا بالإجابة
تحياتي:
دمعة حياة